تابعنا على انستغرام

…قراءة في ديوان – وخزات في زمن الريح – للشاعرة المغربية أمينة حسيم …

تساوت 24
2016-01-05T20:38:17+00:00
ابداعثقافة و فن
تساوت 245 يناير 2016
…قراءة في ديوان – وخزات في زمن الريح – للشاعرة المغربية أمينة حسيم …
عبد العاطي الخازن
بالكتابة فقط نستطيع التوغل داخل مبدأ التأمل ، تأمل الوجود لا العدم .. وبالكتابة أيضا نرحل نحو الذات لسبر دواخلها وفهم طبائعها وإدراك مكنوناتها والإفصاح عن خباياها .. والكتابة الشعرية على الأخص تملك هذه التيمة على قدر كبير من الإطمئنان . حيث يشعر القارئ أن القصيدة تعنيه بقدر كبير من الصلابة ، وربما تستفز فيه أشياء كانت غابرة حتى القاع .. وهذا رهين بمدى صدق الشاعر ومدى استعابه للواقع المحيط به . وذلك بتحرير القصيدة من التجريدات الميتافيزقية وتمكينه من أن يعكس الوقائع الحقيقية والتفاصيل اليومية المزدحة في الرأس ، لا سيما بأننا نعيش في زمن متسارع حافل بالمآسي و المعاناة . أما الآية الجمالية التي نتصيدها في ديوان الشاعرة أمينة حسيم : ” وخزات في زمن الريح ” هي : التكثيف و التشطيبات الدائمة لما هو زائد ، فكل مشهد مكتوب بعناية خاصة وكأن الشاعرة تقول : هكذا يكتب الشعر .. وهكذا آمنا بنصوص ذات إطار حسي ذاهل تتلاحق فيها الصور والمشاهد وتتقلب بممارسة الشاعرة أناظيم الحذف فتنطبق المقولة الصوفية : ” كلما ضاقت العبارة اتسعت الرؤية ” تضيق زمنيا بإيجاز الكلام و مكانيا باستثمار اتساع فضاء الصورة . صور شعرية ووخزات يتعاقب ألمها من كل قصيدة لأخرى عبر الديوان الممتع الذي اتسم في مجمله بالشجن و الرشاقة فجاءنا صافيا عذبا من نبع الحياة .. وهي إذ تفجر ماء عاطفتها لينسكب في اتجاه المعشوق باختيارها معجما رومنسيا حافلا بالرقة ، فتنكشف لنا شاعرة مسحورة بالحب و الشوق .. ويتجلى هذا العشق واضحا من خلال هذا المقطع : يا أمير العشق الليلي / ما زلت على العهد الذي بيننا / حالمة / أنسلخ كل ليلة / من صمتي / أنسحب هاربة / من سكوني / أحمل فوق كفي حلمي / عاشقة / أغازل في عينيك لآلئي / أسامر خيالاتي / أداعب بنسيج الأزمنة / لحظاتي / أناجي آليات البوح في محرابك السحري … إن المعنى الذي نكتشفه من خلال هذا التناول الشعري هو الإخلاص العذري الممزوج بالخيالات الجامحة اتجاه الحبيب و الذات .. فللمتخيل الشعري وضعية استتنائية في كتابة وقراءة النص الابداعي لاعتبارات عدة تتصدرها المكانة الجوهرية التي يحتلها ” الخيال ” وشاعرتنا مدركة بجلاء سر هذه الطاقة الخلاقة وتربطها بالواقع متأملة خصائصه التي تغيرت تغيرا شديدا يصل إلى حد الجذرية . فشاعرتنا تبدأ من أصغر التفاصيل الجزئية وأبسط لحظات الحياة حيث تتولى في بعض القصائد معطيات يومية متصلة إلى حدود البحث والتقصي عن مصير الآدمية و التلميح إلى حلول كبرى لأزمات الانسان وأزمة المرأة بشكل خاص وهذا يظهر جليا في قصيدة ” شهريار ومليون حكاية ” حيث أن الأنثى تحاول أن تحلق عاليا باتجاه فضاءات الحرية بعيدا عن العنف النفسي و الجسدي الذي يمارسه الرجل بطغيانه وتسلطه .. تقول شاعرتنا : بعد حكاية الف ليلة وليلة / شتتت شهرزاد زهور الفل والآس / وأوراق القرنفل البيضاء / كسرت بعنف قوارير الخزامى / وسكبت كل عطورها / خارج دائرة الحدود الوهمية … فبهذا الهروب تحاول شاعرتنا أن تجد نفسها التي تبحث عنها لتتخلص من عناد الانكسار وخيبات الأمل باحثة عن فضاء الحرية ، فتجربتها هي نسيج مأساوي عميق في الذاكرة . حيث أن جذورها تشرب من صديد الأيام ، وهي تحاول أن تخاطبنا فتجد اليأس معتمرا في مفرداتها فالرومانسية في بعض النصوص ماتت ولكن الشعر لم يمت ومن لم ينحني للريح فهو كاذب . العاصفة تقتحمك من حيث لا تتوقع ، تختال توقعاتك ، وتغذي خيالك وشعورك بعوالم نعرفها لكن الشاعرة تعيد تشكيلها في ذهننا بطريقتها الخاصة . هي شاعرة الحزن المقيم في الذات والمنعكس في اللغة والأسلوب .. هي شاعرة التحدي والنضال ومواجهة الواقع القاسي بعزيمة صلبة .. هي شاعرة الجمال .. هي شاعرة القلب والعقل .. هي شاعرة تحمل إشكالاً يتعلق بالسياسة الشعرية بإهدائها قصائد للشعب الفلسطيني واللبناني و العراقي كجزء في سبيل إضاءة المسكوت عنه شعريا ، تقول شاعرتنا : هكذا أنا مذ فتحت عيناي يا قدس / ثورة من غضب / وقبضة من لهب / وجحيم ، وهدير بركان / وشلال دماء لا يجف ولا ينضب ، يا قدس فتحية واجبة وحب وتقدير وإعزاز للشاعرة الكبيرة أمينة حسيم على إنتاجاتها الأدبية اللامعة والتي يتصدرها كتاب ” صور ونماذج من اللسان المراكشي الدارج ” الصادر عام 2006 وهو عبارة عن دراسة لسانية في لهجة مراكش الحمراء يليه ديوان الشعر العمودي تحت عنوان : ” قد أبيح دمي ” تم ديوان : ” وخزات في زمن الريح ” تم ديوان : ” بطريقتي الخاصة جدا ” وسيصدر لها قريبا جدا مؤلف شعري بعنوان : ” خلافا لما تفعلين ” وكل هذه المؤلفات صادرة عن مؤسسة آفاق للدراسات والنشر بمراكش .. وهذه الانتاجات وبكل تأكيد تضيف حيوية في الأداء الأنثوي الشعري صفحة جديدة تضاف إلى ديوان العرب……
من اعداد عبد العاطي الخازن
امينة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق