تواصل المسلسلات المكسيكية الرديئة معززة في الآونة الأخيرة بنظيرتها التركية والهندية في اجتياح عقول وسبر أغوار أفئدة نسائنا وشبابنا مستغلة تفشي الأمية وهجران الكتاب والقراْة . لسنا هنا ضد حق المغاربة في الترفيه عن النفس لكننا ضد استفحال آفة سجن نصف مجتمعنا لساعات طوال أمام شاشات التلفاز ما يضيع على الوطن طاقات كانت لتستغل وتثمر ، فالشعوب الغير قادرة على الإنتاج ستظل أسيرة للشعوب المبدعة التي تصنع لها كل شئ من البلغة ذات العشر دراهم إلى الهاتف المحمول الشديد الذكاء والسيارة . ولعل إطلالة على الحال قبل مسلسل “أنت أو لا أحد” تجعلنا نقف على وضع أفضل من مرأة تحلم بحياكة قميص لزوج أو إبن أو نسج زربية بديعة المنظر ومن فتاة تأمل في تعلم الطرز أو صقل مواهبها في المطبخ أوكتابة الشعر والاطلاع على قصص ومن زوج يهتم بتربية الأبناء وتتبع مسارهم الدراسي أو التفكير في تحسين مورد الرزق . إلى أسر بها عاهات نفسية يتطلع فيها الشاب إلى مظهر يشبه ألفريدو والفتاة إلى سالومي ولميس .
إن ما يجعل مسلسلات مطولة من قبيل أسميتها فريحة، سامحيني ،لعبة الحب ،قبول ، سحر الأسمر، رباط الحب، سالوني ،وعائلة كاراداغ ، من الخطورة بما كان هو تمحورها الغريب جميعا حول الحب كقيمة عظمى وبث أفكار تبرير الخيانة وتنميط الجمال والتحرر التام من أية عقيدة وكل عادة حميدة . ما يجعل الجميع مرتبطين عذريا ببطلة تضحي مشاهدتها على التلفاز ضرورة ملحة لإتمام الحلم والهروب من الواقع . أو بطل بعضلات مفتولة ووجه وسيم تغرم به الزوجات قبل العذارى لتهربن من واقع البيت . فتصبح نهاية المسلسل الذي قد يمتد لسنة أو اكثر ، كارثة على نفسية الجميع ممن لا يطيقون عدم رؤية الحبيب الافتراضي ، ناهيك عن تأثرهم الغريب خلال أطوار المسلسل بكل الأحداث التي تقع وانتظار بزوغ شمس يوم جديد عل الغمة تنفرج عنه .
لعلنا جميعا نتذكر وزراء الحكومة الحالية وهم في مقاعد المعارضة ينفخون رئاتهم داخل البرلمان منتقدين تصرفات الممثلين في القنوات الوطنية وسماح المسؤولين بدخول هذه المسلسلات . وما أشبه البارحة باليوم ، بل ما أسوأ هذا الحاضر مقارنة بالأمس القريب .
فمتى ننتج ومتى يتم الإفراج عن قدراتنا في الإبداع والشفاء من كبث هم الجميع
المصدر : https://tassaout.net/?p=864